عملك أم عائلتك؟ .. المعادلة الصعبة وطريق التوازن
عملك أم عائلتك؟ .. المعادلة الصعبة وطريق التوازن
هل هناك بالفعل إمكانية ما للموازنة بين العمل والأسرة؟ يجيبك عن هذا السؤال البروفيسور “بريان دودج” عبر مؤلفه “قواعد الحياة الجيدة” بالقول:
لا يوجد ما يسمى التوازن بين البيت والعمل، ربما تبدو هذه طريقه غريبة لبدء موضوع بهذا العنوان ولكن بالفعل لا يوجد شيء بهذا الاسم.
يضيف المؤلف: أنا أقابل قادة شركات أسبوعيا يسألون نفس الأسئلة مرة بعد الأخرى ويريدون لمديري التنفيذ أن يعرفوا كيف يستطيعون مساعدة الموظفين لديهم على تحقيق التوازن بين البيت والعمل لأنهم يظنون أنها وصفه سحريه لزيادة الإنتاجية.
إذا كنت سعيدا فهل ستصبح موظفا أفضل؟ بالتأكيد، وهل ستصبح أبا أو أماً أو صديقا أفضل؟ بالطبع، وهل لهذا أي علاقة بالتخلص من استعجال الساعة أو متابعة عدد الساعات التي تعملها أسبوعيا؟ مستحيل، فلا يوجد شيء مختلق ومصطنع أكثر من التوازن، ولا توجد أي وصفة تقول لك إنك يجب أن تكون في العمل لثماني ساعات ثم تكون في المنزل لعشر ساعات قبل أن تستطيع أن تعمل لثماني ساعات مرة أخرى فربما كان هذا جيدا لو كان العالم منظما بهذه الطريقة ولكننا جميعا نعلم أنه ليس كذلك.
ففي الحياة الواقعية إما أن تكون متجها نحو أزمة أو خارجا من أخرى وهذه هي الحقيقة بالنسبة للجميع.
أما التوازن الذي نقصده فهو يبدو أشبه بالتوازن الذي تستخدمه عند قيادتك للدراجة فأنت دائما تحرك البدال بقدمك وإذا بدأت تنحرف لليسار فتحرك جسدك لليمين لاستعادة التوازن وإذا انحرفت لليمين بشدة فعليك أن تميل لليسار مرة أخرى لاستعادة التوازن.
خدعة الجدولة
عند هذه النقطة ربما تقول لنفسك “أنت لا تعرف ما هو عملي، فمسؤولياتي لا تنتهي” وستشعر أنك لا تملك أبدا جاروفا كبيرا يتناسب مع الحفرة التي تحتاج إلى حفرها.
كل منا يعرف كيف يمكن أن يشعر المرء بهذه الطريقة فقد تشعر بهذا في حياتك لفترة طويلة حتى إنك تكون مضطراً إلى اصطحاب أبنائك إلى المكتب في أيام العطلات لتتمكن من إنهاء بعض الأعمال بينما يلعبون هم في الردهة لأن ساعات العمل في اليوم لم تبد كافية.
وبالنسبة لأجهزة التكنولوجيا الحديثة فقد زادت الأمر سوءاً فالمفترض أن الفكرة الأساسية وراء هذه الأجهزة أنها توفر لنا الوقت، ولكن بالنسبة لمعظمنا فإن هذا لا يتحقق، وبدلا من ذلك أصبحت أجهزة أساسية في حياتنا تتطلب المزيد والمزيد من الوقت، فمنذ عشرين عاما لم يكن بإمكانك تبادل الرسائل الإلكترونية مع عميل في المدينة أو في العالم في الثامنة صباحا، وكنت تضطر للانتظار طوال يوم الثلاثاء حتى يمكنك الدخول إلى مكتب البريد لإرسال فاكس أو خطاب.
نحن لسنا مناهضين للتكنولوجيا فنحن نمتلك كل تلك الأجهزة بل ونمتلك أحيانا اثنين من نفس النوع، ولا شك أنها تمكنك من زيادة إنتاجيتك… إذاً انتبه جيدا لهذا الشرط – استخدمها بالطريقة الصحيحة، ماذا نقصد بذلك؟
الأمر بسيط، عليك أن تتحمل المسؤولية تجاه وقتك وينبغي أن تستخدم هذه الأدوات بحيث تساعدك على أن تصبح أكثر كفاءة، لا أن تقيدك بالعمل لأربع وعشرين ساعة يوميا، فلا يوجد أسوأ من لعب الجولف مع رجل يتكلم في هاتفه المحمول وهو يلعب.
إذا سمحت للتكنولوجيا والطرق المضللة لزيادة الإنتاجية بأن تسيطر عليك بدلا من أن تسيطر عليها فسوف تقع فيما أسميه كذبة الجدولة.
إذا تركت عملك يسيطر عليك بهذه الطريقة وظللت تقول لنفسك سأجري مكالمة واحدة أخرى، ومع ذلك سأكون بالمنزل في السابعة، فأنت تفقد رؤية ماهية الحياة الجيدة وأيضا إذا ارتبطت باجتماع كبير مع أعضاء فريق عملك ثم قررت أن تذهب مع ابنك للتنزه، فأنت أيضا تفقد الرؤية لماهية الحياة الجيدة، فوظيفتك ليس معناها أن تعمل لساعات طويلة، وأيضا ليس معناها ألّا تفي بوعودك في حياتك المهنية حتى تتمكن من قضاء الوقت بالمنزل، ولكن وظيفتك هي أن تفعل ما عليك فعله في كل من المنزل والعمل خلال وقتك، وهذا لا يتعلق بإيجاد وقت فارغ على جدول أعمالك، ولكنه يتعلق باختيار الأشياء المناسبة لوضعها على الجدول والعمل عليها في الوقت المناسب.
لكي تعيش الحياة الجيدة عليك أن توازن بين البيت والعمل وألّا يجور أحدهما على الآخر فإذا لم تكن سعيدا في العمل فسيؤثر ذلك على من تعيش معهم، وإذا لم تكن سعيدا في البيت فلن تصبح منتجا في عملك.
خطوات بسيطة لتحقيق التوازن
يبدو ذلك شيئا رائعا، أليس كذلك؟ ولكن كيف تحقق التوازن الذي نتكلم عنه؟
الجواب بأن تفعل المزيد من الأشياء متعمدا بدلا من أن تتركها تحدث لك بالمصادفة، والقيام بدور أكثر نشاطا تجاه الأشياء التي تؤثر عليك في حياتك.
أعد قائمتك
للأسف يعيش معظم الناس الحياة على أنها رد فعل حيث تحدث الأشياء فيقومون بما في وسعهم للاستجابة، وفي بعض الأحيان يكون هذا كافيا ولكن في معظم الأحيان هذا ليس بكافٍ، ومن ثم هل هناك عجب في أن يعيش معظم الناس حياتهم تحت ضغط؟ أن تعيش حياتك مثل عامل الإطفاء الذي ينتظر الحريق ليتحرك ليس صحيا، كما أنه ليس بناءً بالطبع.
عليك بالتخطيط لحياتك مما يعني أنه عندما تصل لنهاية يوم العمل عليك أن تكتب قائمة الأشياء التي تريد أن تنجزها في اليوم التالي، وأنها ما زالت موجودة في عقلك ومن ثم عندما تأتي في اليوم التالي تكون الخطة جاهزة.
حدد أولوياتك
الأولويات هي الأساس الذي تحدد أهدافك من خلاله فهي مصدر كل الأهداف والهدف هو مهمة أو إنجاز تريد تحقيقه وقبل أن أسألك ما أهدافك يجب أن أسألك عن أولوياتك، لأن أولوياتك هي مصدر أهدافك ولكي تحصل على الحياة الجيدة يجب أن ترتبط قائمة أهدافك بقائمة أولوياتك.
استمر في تركيزك
عليك دائما أن تعمل على الالتزام بشيء وأن تحافظ على تركيزك على أهمية هذا الشيء وهذه ليست خدعة تتعلمها ثم بضغطة واحدة تجعلها تعمل تلقائيا، فدائما ما توجد أشياء تعوقك وتتحداك في الحياة، وأحيانا ستفقد تركيزك بقصد أو بدون قصد ولكن عليك أن تعرف كيف تستعيد تركيزك عندما يحدث هذا.
تحقق من نجاحاتك
حينما تقوم بوضع قائمتك وتحدد أولوياتك يجب أن تحقق النجاحات الصغيرة وتحقق منها على القائمة يوما بعد يوم.
دافع عن مكان توازنك
إذا كنت ستقوم بالتزام معين مدى الحياة بتفهم التوازن بين البيت والعمل وأن تجعل هذا التوازن يعمل لصالحك، فعليك أن تضع خطة تساعدك على الحصول على أقصى استفادة من طاقتك، لأنك إذا كنت ستحارب الخطة كل ساعة من اليوم وتشعر أنها تهزمك وتستنزفك فلن تكون قادرا على تنفيذها على المدى الطويل، وهذه هي الحقيقة.